هل نضجت تشريعاتنا النافذة، الى الحد الذي يستجيب لتطلعات برامج مقاومة العنف ضد المرأة، بحيث تأتي الجهود المبذولة في هذا الاتجاه أُكلها، وتحقق اهدافها، وتوفر حماية للمرأة من أي نوع للعنف الذي قد يمارسه
الرجل اياً كانت قرابته منها.. عليها؟ يأتي هذا السؤال في مقدمة البحث عن واقع العنف الممارس فعلاً ضد المرأة الاردنية، وتطلعات الاستراتيجية بعيدة المدى لهذا الواجب المجتمعي الذي يقع على كاهل جناحي المجتمع الاردني، الرسمي والمدني اللذين يفترض انهما يعملان معاً وبالاتجاه نفسه لتحقيق الأمن بأركانه الجسدي والنفسي المادي والمعنوي للمرأة الاردنية، كمواطن له من الحقوق ما يوازي لما للرجل، وكذا بالنسبة للواجبات.
فمنذ صادق الاردن، على اتفاقية الغاء اشكال التمييز ضد المرأة عام 1992 سقطت كل مفاهيم التفريق بين المرأة الاردنية وصنوها الرجل سواء عند مستويات التشريعات النافذة، او كل ما يمكن ان تفرزه الحاجة من تشريعات مستقبلية، ولعل صيانة الامن الذاتي للمرأة، كان من ابرز ما تصدى له العاملون على انفاذ نصوص هذه الاتفاقية، ذلك ان الاعتداء على هذا الامن الذاتي، الذي يتجسد عنفاً ضد المرأة بأشكاله المختلفة كان من ابرز القضايا على ساحة تخفيف الغاء التمييز ضد المرأة، ولئن كان العنف الممارس ضد المرأة قضية عالمية ليست قصراً على شعب او عالم من عوالمنا التي وصل عددها الى ثلاثة، فان ما هو قائم في الاردن، حقائق لا يمكن تجاهلها وان لم تكن بحجم ونوع ما يمارس من عنف ضد المرأة في بلدان وعوالم اخرى.
ومما يؤسف له ان الاحصائيات المتوفرة الآن حول حجم العنف الممارس ضد الاردنية ونوعه، لا تعبر عن واقع الحال بصدقية لا يرقى اليها الشك، ذلك ان رصد اعمال العنف الواقع على نسائنا ليس بالمهمة السهلة التي يمكن انجازها بمجرد احصائية لارقام معلومة، فهناك حالات حجمها لا بأس به من عنف يقع على نساء، لا يعلم به احد غير المعنف ومن وقعت عليها ممارسات عنف، ويعود هذا لدواع اجتماعية وموروثات قيمية وثقافة متخلفة جعلت من المرأة موطناً من درجة دنيا، لا تملك حق رفض العنف، فكيف بمقاومته او محاولة التصدي له بالوسائل المتاحة خوفاً من تداعيات هذه المواقف على مستقبل المرأة بشكل خاص والاسرة بشكل عام.
اكتشاف العنف الممارس ضد المرأة، يفضي غالباً الى توفير وسائل الوقوف في وجهه وبناء جدر الحماية لحق المرأة في الامن الذا
OAS_AD('Middle');
تي، هناك مؤسسات مجتمع مدني عديدة، تتصدى لهذا الامر، كما ان الدور الرسمي في هذا المجال يسعى لتوفير مثل هذه الحماية في الحدود التي تقرها التشريعات، لكن يبقى ان عملية الاكتشاف هذه تواجه من العقبات ما يجعل الوصول الى الحقيقة فيها امراً شائكاً ليس بالسهل، اضافة الى ان هناك طريقاً طويلة مزروعة بالعديد من العوائق أمام تطوير تشريعات نافذة يعيق الوصول الى مساواة كاملة تحفظ حقوق الطرفين الرجل والمرأة، في العلاقات الاسرية، كل هذا اضافة الى البعد التربوي الثقافي الذي يحتاج الى جهود جبارة، وصولا الى بناء قناعات عامة تحقق رؤية جديدة تنهي التمييز ضد المرأة باشكاله كافة.